وقد غطت الحجارة في مدينة لعيون أغلب حاجة السكان في مجال البناء (في مراحل سابقة من تاريخ المدينة)، حيث شيد أغلب البنايات والشوارع في” قلب” المدينة بالحجارة ذات الجودة العالية والألوان المختلفة، مما أضفى على وجه المدينة المعماري رونقا وجمالا فريدين جعلا المدينة من أفضل المدن الموريتانية من حيث الجمال العمراني
.
كنز من دون استغلال..
إلا أن غياب استقلال هذا المصدر الطبيعي بشكل معقلن ـ حسب ما يقول الكثير من الفاعلين بالمدينة ـ وعدم إيجاد مصنع متطور للحجارة يعمل على تصنيع الحجارة وتصديرها للعاصمة نواكشوط وباقي الولايات بأشكالها المطلوبة، أمر جعل الكثير من الفاعلين والمهتمين المجال بالمدينة يعتبرونه السبب وراء تراجع الطلب على حجارة البناء مقابل "للبنات الإسمنتية" في المدينة.
ويقول سيدي ولد أحمد أحد الشباب المهتمين بالمجال إن استغلال هذا الكنز الحجري بشكل جيد سيعود بالنفع على سكان الولاية من جهة، حيث ستتوفر لهم الحجارة المصنعة بأسعار في المتناول كما أنه سيساعد في النهوض باقتصاد الولاية من جهة أخرى.
وأضاف الشاب أن هناك محاولات في هذا المجال لكنها بوسائل بدائية وليست على المستوى المطلوب الذي يتطلع إليه سكان المدينة بشكل خاص وسكان الولاية بصفة عامة، والوسائل الموجودة لتصميم الحجارة لا يوال معظمها بوسائل تقليدية ـ يضيف ولد أحمد ولا تعطي الحجارة أشكالا مطلوبا حسب قوله.
الزخرفة السحر الجذاب..
وقد شهدت مدينة لعيون في الفترات الأخيرة وخصوصا الأحياء الشرقية بالمدينة الممتدة على طريق الأمل تشيد الكثير من المباني الحجرية المزخرفة من بينها فنادق وشقق ومنازل خاصة، مما عكس جودة الحجارة وقدرتها على مسايرة ركب التطور المعماري في البلد، وهو ما أرز الخصوصية المعمارية للمدينة، وأضفى عليها سحر جمالي أخاذ.
وقد أدت هذه التجارب الناجحة في مجال استغلال الحجارة في البناء إلى تشيع الكثير من رجال الأعمال بالمدينة على الإستثمار في هذا المجال، إلا أن الكثير من هذه الإستثمارات لا يزال دون المستوى المطلوب حسب بعض المهتمين.
و تحظى الأحياء الشرقية من المدينة ”متيوه “و”الطائف “ و” النزاهة “ بانصيب الأكبر من المباني الحجرية المزخرفة ذات التصاميم الحديثة كالفنادق والشقق.. والتي تحظى بهتمام أكبر من قبل الوافدين والزوار المدينة.
توسع المدينة سبب تراجع..
ويرى بعض الباحثين في المجال أن توسع المدينة بسبب التنامي الدمغرافي السريع الذي تشهده والطلب المتزايد على البناء، فضلا عن عدم تلاؤم الحجارة مع الكثير من التصاميم المعمارية الحديثة، وذلك في ظل غياب سياسة حقيقية لاستغلال هذه الحجارة بشكل يلبي طلبات السكان المتزايدة على وسائل البناء، أمور من بين أخرى أدت إلى التراجع الشديد للطلب على الحجارة مقارنة باللبنة الإسمنتية، مما يتضح في الأحياء الجديدة للمدينة، حيث تكاد هذه الأحياء تخلو من البنايات المشيدة بالحجارة.
وهو ما يفسر ـ حسب الباحثين ـ ظاهرة تمركز البنايات المشيدة بالحجارة في قلب المدينة، حيث تم بناء هذه المباني في مراحل سابقة من تاريخ المدينة، حيث تشهد في الكثير من الأحيان الهدم من أجل الاستبدال بمباني إسمنتية
.
ويرى الكثير من المنتخبين والفاعلين بالمدينة أنه لو وجدت سياسة جادة من أجل استغلال هذه "الثروة الحجرية" واستثمارها فإن المدينة ستحقق اكتفائها الذاتي في مجال البناء، كما أنه سيدفع عجلة اقتصاد المدينة وذلك من خلال تصدير الحجارة عالية الجودة إلى العاصمة نواكشوط والولايات الأخرى.
بقلم: فتاح الدي