ما يزال الشرق الموريتاني -رغم مرور اثنين وخمسين عاما على استقلال الإقليم-
غائباعن المشهد السياسي الوطني، حيث ظلت نخبة أهل الشرق مفعول بها لا فاعلة
وتابعة لا متبوعة،وفي نفس الوقت تساس موريتانيا بهذه النخبة ولا تعصي للسائس
أمرا، حيث اتخذها حكام البلد- على مر تاريخه- عصى يهشون بها على الجهة بأكملها دون
أن يطمح أبناء الشرق للريادة السياسية.
وكأن تلك المكانة صممت بمقياس جهات موريتانيا الأخرى ،لتظل التبعية والتقاط الفتاة بحوزة الجهة
المذكورة وعهدة نخبتها وديدن ساستها.
وكأن تلك المكانة صممت بمقياس جهات موريتانيا الأخرى ،لتظل التبعية والتقاط الفتاة بحوزة الجهة
المذكورة وعهدة نخبتها وديدن ساستها.
تلك حقيقة يدركها الجميع ومهما كان السبب فإنها وصمة عار في جبين النخبة وقادة الرأي في هذه الجهة الهامة من وطننا العزيز، حيث لا يمكن لموريتانيا أن تتقدم في ظل الغياب السياسي لأي جهة من جهاتها،لكن لتلك المعضلة أكثر من سبب قد لا يكون بالإمكان حصر تلك الأسباب كاملة دون لعثمة أو تأتأة، ومع ذلك ثمة من أسباب يمكن حصرها وتحليلها واستعراض نتائجها كي نقف على مكمن الخلل ونشخص ظاهرة التخلف السياسي وموت الطموح لدى الغالبية العظمى من هذه النخبة، علنا نساهم في بعث روح سياسية جديدة قد يشكل أساسا لمرحلة سياسية متزنة يشارك الجميع في إنتاجها دون إقصاء ولا تهميش.
لا شك أن انعدام الطرق ووسائل الاتصال إبان مرحلة التأسيس للدولة الموريتانية وما رافق تلك الإرهاصات من عوائق حالت دون تمكن أهل الشرق من مواكبة التطورات السياسية بتفاصيلها التي تابعها بها الباقون، مما كان له أثر سلبي على الوعي السياسي لدى الكثير من أهل الشرق، رغم ظهور أعلام من هؤلاء ضمن رعيل الإستقلال وتبوئهم مناصب عليا في ذلك الجيل، إلا أن تلك الشخصيات صاغت المشهد السياسي في تلك الربوع على هوى حكامها وبإيعاز منهم دون تحريف ولا تبديل، الشيء الذي مهد الطريق سالكا أمام النخب السياسية اللاحقة لإدارة ذويهم مقابل منافع شخصية سخية ينثرون منها يمينا وشمالا ما لايمكث في الأرض ،تلك حيلة انطلت على الكثير من أهل الشرق حتى أضحى السياسي الشرقي عملة رخيصة يتداولها الحكام أوقات الإنتخابات وتنتهي صلاحيتها مؤقتا لحين الإنتخابات القادمة.
هكذا حكم أهل الشرق على أنفسهم بالتبعية السياسية وموت الطموح مفسحين المجال أمام أهل القبلة وأهل الشمال للصراع على حكم البلاد طيلة الإثنين وخمسين عاما الماضية دون أن يلوح في أفق السياسة ما يوحي بقرب دخول الحلبة، إلا ما كان من بعض المبادرات الشخصية الخجولة، والتي لا ترقى إلى المستوى المطلوب إطلاقا، وإن كانت أفضل من العدم، لكنها في نفس الوقت تلاقي من الاستهجان مالا تلاقيه من الاستحسان في ساكنة المنطقة، حيث يعتبرونها خروجا على المألوف ومروقا على التقاليد السياسية المعمول بها وبالتالي تكون هذه المبادرات عرضة للنيل من مصداقيتها عبر إلصاق التهم تارة والتقليل من الشأن تارة أخرى.
نقلا عن مدونة دار السلام